السبت، 25 يونيو 2011

كيف نخرج من خلافاتنا ؟



ما يجري الآن في المجتمع المصري من تفاعلات سريعة , كان من نتيجتها كثرة الخلافات بيننا بشكل ضخم جداً , و الكل يرى أنه على صواب , و تتعالى الأصوات , و تتزايد التشنجات , مما ينبئ بأننا نفتقد لشئ هام جداً وهو كيفية وضع آلية للخروج من الخلاف , و أكرر الخروج من الاختلاف لا التخلص من الاختلافات لأن التخلص من الاختلافات شئ مستحيل
و الواقع يقول أننا لا نعرف من طرق الخروج من الخلاف إلا طريقة واحدة أو طريقتين على الأكثر , و الطريقة الأكثر شهرة – وهي الأقل فاعلية – هي محاولة إقناع الأطراف الأخرى أو المخالفين بوجه نظري اي مسار الاقناع العقلي , في حين أنه ما هكذا تدار الأمور , فالاقناع قد يضيق الخلاف لكنه لا يخرجنا منه
ما نحن فيه مرجعه من الجذور ثلاثة محاور :

·                 كيف نفكر
الكل يمارس التفكير لكن القليل جدا من يمارس التفكير بطريقة منهجية صحيحة , و بدون أن نتعلم كيف نفكر , فالمنتج الفكري يصبح هزيلا و ضعيفا , فلو اختلفنا مثلا حول مسألة معينة حول ثلاثة آراء , فالآراء الثلاثة لا تصلح أصلا و هي بعيدة عن الصواب ! فما الجدوى من الاتفاق ؟! , فجودة التفكير تنتج فكر جيد و اختيارات أفضل , و بدونها سنظل نختار بين سئ و أسوأ.
و هذا المقال ليس هدفه التركيز على هذه النقطة – لأنها تحتاج لوقت طويل حتى تتحقق -
و مثال لمهارات التفكير : جمع المعلومة ثم انتقاء المعلومة , ثم التحليل ثم بناء سيناريوهات ثم الترجيح ثم النقاش مع المخالف ثم المراجعة وإعادة الحسابات ثم الوصول للمنتج الفكري النهائي , التفكير يحتاج لتدريب حتى يتم الوصول لبنية عقلية متينة لها قدرة على الحكم على الأمور و كذلك القدرة على ابتكار الحلول
إذا كان هذا العنصر هو الذي ينتج أفكارا جيدة تمكنا من العيش بدرجة راقية و متطورة إلا أن النقاط التالية هي الأهم في الوقت الحالي لأن بدونها سنتناحر – و سنتقاتل -
·                 كيف نتعامل مع الاختلاف (نفسياً و أخلاقياً)
احترام المخالف , عدم تسفيهه , و عدم تخوينه , عدم الكبر(الاعراض عن الصواب بعد معرفته و التقليل من الأخرين ) , عدم تحويل الخلاف لعداء , عدم العناد , المرونة في التحول من رأي لرأي , عدم النظر للاختلاف أنه حق و باطل , خطأ و صواب و لكن هناك صواب و أصوب و خطأ و خطيئة و خطأ مشوب بصواب و صواب مشوب بخطأ
الشورى أي تبادل الآراء بروية و هدوء , فمن لم يستمع لرأي الأخر فلم يشاور ولم يأخذ بالشورى
عدم نسيان الفضل بيننا.
مراعة هذه النقاط هدفه عدم انقلاب الخلاف لنزاع و خصوصمة – فرقة – و أيضا ليظل الخلاف في نطاق الفكر و لا يدخل فيه العاطفة أو الكرامة و العزة مما يؤثر في القرار بشكل سلبي و يحجب التفكير الصحيح الذي هو أساس الخروج من الخلاف

·                 كيف نخرج من الاختلاف (كيف نتعامل مع الخلاف عملياً)

الاختلاف نعمة أم نقمة ؟
الاختلاف في أصله هو التنوع و التوع ميزة كبيرة و رحمة , لكنه لو نتج عنه فرقة فإنه يصبح نقمة

الطرق التي اقترحها الاسلام للخروج من الخلاف
لابد أن نعلم أن الخروج من الخلاف لا يعني القضاء على الخلاف لكن الوصول لحل جزئي أفضل من لا حل – فارضاء كل الناس غاية لا تدرك
لكن بالتأكيد لا يحبذ بقاء الخلاف دون حسم – لأنه يؤدي للفرقة (حتى لو تعمالنا مع الاختلاف و المخالفين بشكل راقي فإن بقاء الموضوع معلقاً هو بذاته مع الوقت يعمق الخلاف و يحوله لخصومة)

·                 الأخذ بالقواعد الدينية الاجمالية – (مثل لا ضرر ولا ضرار , المصلحة الجماعية مقدمة على المصلحة الفردية , الرحمة فوق العدل , لا تهاون في الجرائم الكبرى , مراعاة الضعيف إلخ إلخ)
·                 ترك الأمر للحاكم أو للأعلى بشكل عام (نظام الرتب , أو أن القرار يكون في يد المدير)
·                 الاحتكام للمتخصصين –
·                 الاحتكام لأهل التقوى – يحكم به ذوا عدل منكم
·                 ترك الأمر لحكم أو رأي من سيقع عليه التبعة الأكبر للتنفيذ أو التبعة الأكبر للنتيجة (تقسيم المحافظات , استفتاء الشعب على الحرب أو على الاتحاد مع دولة أخرى)
·                 الاحتكام للأشخاص بشكل عام ,أو لطرف خارجي يرتضيه الطرفان
·                 الاتفاق على قواعد يحتكم إليها عند الحاجة
·                 الأغلبية , و الرسول صلى الله عليه وسلم أخذ برأي الأغلبية في الخروج لغزوة أحد , و ذم الأغلبية في القرآن هو في المسائل الاعتقادية لا في الأمور الدنيوية
·                 القرعة – يسمى في الحديث النبوي الاستهام
·                 قتال المخالف المصمم على باطله (مثاله في العصر الحديث التعامل مع البلطجية)
·                 الأخذ بما توصلت إليه الأمم الأخرى – مثل عمل مؤسسات لحسم الخلاف و عمل نظام لحسم الخلافات - أي من ؟ و كيف ؟ - (في أمريكا مثلاً من , هو الكونجرس , و كيف , هي القواعد و الوقانين المنظمة لعمل الكونجرس)